التخفيض الفيدرالي للفائدة بمقدار 25 نقطة أساس إلى 3.5-3.75%، لكن القرار تم الموافقة عليه بـ 9 مقابل 3، مسجلاً أعلى معارضة منذ 2019. رد فعل السوق كان مفاجئًا، حيث ارتفع مؤشر داو جونز بمقدار 497 نقطة بنسبة 1.1%، وارتفع البيتكوين مؤقتًا إلى 94,000 دولار. أعرب رئيس الفيدرالي باول عن أن «رفع الفائدة ليس توقعًا أساسيًا لأي شخص»، وشراء 400 مليار دولار من السندات الحكومية خلال 30 يومًا بداية من 12 ديسمبر، أشعل مشاعر السوق للشراء.
كلمتان من باول قلبتا توقعات السوق
كانت كلمتان رئيسيتان من رئيس الفيدرالي باول في المؤتمر الصحفي هما المحفز المباشر لارتفاع السوق بشكل كبير. الكلمة الأولى كانت «رفع الفائدة ليس توقعًا أساسيًا لأي شخص»، مما أزال بشكل كامل مخاوف السوق من أن الفيدرالي قد يعاود التشدد بسبب ارتفاع التضخم. الكلمة الثانية كانت «نحن نتمتع باقتصاد قوي بشكل غير عادي»، مترافقة مع رفع توقعات نمو الناتج المحلي الإجمالي لعام 2026 من 1.8% إلى 2.3%، مما يوفر دعمًا أساسيًا للأصول ذات المخاطر.
أكد باول أن المعدل القياسي حالياً في «نطاق محايد على نطاق واسع»، لا يوقف الاقتصاد بشكل واضح، ولا يعزز الطلب بشكل كبير، مما يضع الفيدرالي «في موقع جيد للانتظار ومراقبة تطور الاقتصاد». أشار إلى أن خفض الفائدة بمقدار 175 نقطة أساس منذ العام الماضي قدم دعمًا كبيرًا للاقتصاد، لذلك فإن المرحلة الحالية أكثر ملاءمة للصبر وانتظار البيانات.
بالنسبة للجدل حول هذا الخفض، اعترف باول بشكل نادر بأنه قرار «قريب جدًا (a close call)». قال: «يمكنني أن أجد أسبابًا قوية لكل من دعم وخفض الفائدة. الوضع الاقتصادي الحالي معقد جدًا، ونتمنى بالطبع أن توفر البيانات توجيهًا أوضح». هذا التصريح الصادق أراح السوق، لأنه يظهر أن الفيدرالي لا يتبع عقيدة صارمة في تنفيذ مساره الافتراضي، بل يتكيف بمرونة وفقًا للبيانات.
وفيما يتعلق بمخاوف التضخم، قال باول إن ارتفاع أسعار السلع مؤخرًا يعكس بشكل رئيسي صدمة مؤقتة ناجمة عن الرسوم الجمركية، ولا يدل على عودة مسار التضخم. أكد ضرورة ضمان أن «ارتفاع الأسعار المؤقت لن يتحول إلى مشكلة تضخم مستدامة». هذا الوضوح حول طبيعة التضخم عزز ثقة السوق في أن الفيدرالي لن يبالغ في رد فعله بسبب تقلبات الأسعار القصيرة المدى.
تأثير التسهيل الكامن من خطة شراء 400 مليار دولار
أعلن الفيدرالي أنه سيبدأ شراء سندات قصيرة الأجل (T-bills) بدءًا من 12 ديسمبر، بمقدار 400 مليار دولار في الشهر الأول. يهدف هذا الإجراء ظاهريًا إلى تخفيف ضغط سوق التمويل الليلي، والحفاظ على معدل الفيدرالي ضمن النطاق المستهدف، لكن السوق يعتبره دعمًا للأصول ذات المخاطر، مع تأثير «تسهيل غير مباشر».
على الرغم من تأكيد المسؤولين أن هذا إجراء تقني وليس كمية التسهيل الكمي (QE)، إلا أن تأثيره مشابه. من خلال شراء السندات، يضخ الفيدرالي السيولة مباشرة في النظام المصرفي، مما يزيد من المعروض من النقود الأساسية. عندما تكون السيولة وفيرة، يبحث المستثمرون عن عوائد أعلى، مما يجعل الأسهم والذهب والعملات المشفرة من الأصول المفضلة. على الرغم من أن حجم 400 مليار دولار أقل بكثير من حجم QE آنذاك، إلا أن إشارة السيولة الواضحة تكفي لإحداث إعادة توزيع في تدفقات رأس المال.
أشار محللون مثل Kobeissi إلى أن هذا يمثل ضخ سيولة مباشر في النظام المالي، قد يؤدي إلى ارتفاع كبير في أصول المخاطر مثل البيتكوين. تشير تجارب سابقة إلى أن توسع ميزانية الفيدرالي يرتبط عادةً بارتفاع أسعار الأصول ذات المخاطر. مثال على ذلك هو ارتفاع البيتكوين من 5000 دولار إلى 60000 دولار خلال جائحة 2020، بعد ضخ كميات هائلة من التسهيل الكمي. وعلى الرغم من أن حجم 400 مليار دولار أصغر بكثير، إلا أن الاتجاه الإشاري يحمل أهمية كبيرة.
ثلاثة أسس تدعم ارتفاع السوق بشكل كبير
استبعاد مخاطر رفع الفائدة تمامًا: باول واضح في إبطال مخاوف التشدد، ويدعم الأصول ذات المخاطر
ضخ السيولة مباشرة: شراء 400 مليار دولار من السندات يوفر دعمًا فوريًا للسيولة
رفع توقعات الاقتصاد: رفع توقعات نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 2.3% يعزز توقعات أرباح الشركات
ردود فعل السوق الفورية تعكس بشكل كامل هذه الأسس الثلاثة. ارتفع مؤشر داو جونز بنسبة 1.2%، بأكثر من 600 نقطة، وصعد مؤشر S&P 500 بنسبة 0.8% ليحقق أعلى مستوى له، وارتفع مؤشر Russell 2000 الصغير بنسبة مماثلة. يعتبر المستثمرون أن تصريحات باول التي تنفي احتمالية رفع الفائدة بمثابة إشارة إلى سياسة معتدلة، مع توقع أن يضطر الفيدرالي في العام القادم إلى خفض الفائدة بشكل أعمق.
الانقسامات الداخلية وإشارات التضارب في جدول النقاط
القرار الأكثر إثارة للدهشة هو الانقسام الداخلي الشديد داخل لجنة السياسة النقدية. الموافقة جاءت بـ 9 مقابل 3، وهو أعلى معارضة منذ 2019. والأكثر إثارة هو أن المعارضين الثلاثة ينتمون إلى طرفي الطيف السياسي: أحدهم هو المحافظ ستيفن ميران الذي اقترح خفضًا مؤقتًا بمقدار 50 نقطة أساس، في حين أن الأعضاء المتشددين مثل رئيس الاحتياطي الفيدرالي في شيكاغو أوستن جولسبي ورئيس الاحتياطي في كانساس سيتي جيفري شديم، يرون ضرورة إبقاء المعدلات دون تغيير.
بالإضافة إلى ذلك، من بين 19 عضوًا، هناك 6 قالوا إنهم لن يدعموا هذا الخفض، وهو نوع من «اعتراض مرن». يظهر هذا انقسامًا غير مسبوق داخل اللجنة حول مسار السياسة. يعود أصل هذا الانقسام إلى إشارات اقتصادية متضاربة: سوق العمل يتباطأ، لكن التضخم المرتفع الناتج عن الرسوم الجمركية يتصاعد. قال باول إن «الكثير من الأعضاء يعتقدون أن مخاطر ارتفاع معدل البطالة تزداد، وأن مخاطر التضخم كذلك، وهو وضع تحدي للغاية».
وأظهرت أحدث خريطة النقاط أن توقعات اللجنة لمسار معدلات الفائدة المستقبلية لم تتغير تقريبًا: فقط خفض واحد متوقع في 2026، ثم خفض آخر في 2027، وأن متوسط معدل الفائدة على المدى الطويل لا يزال حول 3%. ومع ذلك، يشير سوق العقود الآجلة إلى أن المستثمرين يعتقدون أن هناك فرصة بنسبة 38% لخفض الفائدة مرتين في العام القادم، مما يعكس توقعات أن يكون التحرك أسرع من التوقعات الرسمية.
وصفت خبيرة الاقتصاد الأمريكية في Bloomberg Anna Wong أن «السياق العام يميل إلى الاعتدال، لكنه يحمل إشارات حذرة»، وتعتقد أن الفيدرالي قد يخفض المعدلات بمقدار 100 نقطة أساس مجتمعة في العام المقبل، لأن «نمو الأجور يتباطأ بشكل واضح، ولا توجد مؤشرات على أن التضخم سيعاود التسارع في النصف الأول من 2026». هذا الاختلاف بين توقعات السوق وتوقعات الفيدرالي يثير تساؤلات حول مسار السياسة المستقبلية.
شاهد النسخة الأصلية
قد تحتوي هذه الصفحة على محتوى من جهات خارجية، يتم تقديمه لأغراض إعلامية فقط (وليس كإقرارات/ضمانات)، ولا ينبغي اعتباره موافقة على آرائه من قبل Gate، ولا بمثابة نصيحة مالية أو مهنية. انظر إلى إخلاء المسؤولية للحصول على التفاصيل.
خفض الفائدة المتشدد من الاحتياطي الفيدرالي جاء في موعده، لماذا لم ينخفض السوق بل ارتفع؟
التخفيض الفيدرالي للفائدة بمقدار 25 نقطة أساس إلى 3.5-3.75%، لكن القرار تم الموافقة عليه بـ 9 مقابل 3، مسجلاً أعلى معارضة منذ 2019. رد فعل السوق كان مفاجئًا، حيث ارتفع مؤشر داو جونز بمقدار 497 نقطة بنسبة 1.1%، وارتفع البيتكوين مؤقتًا إلى 94,000 دولار. أعرب رئيس الفيدرالي باول عن أن «رفع الفائدة ليس توقعًا أساسيًا لأي شخص»، وشراء 400 مليار دولار من السندات الحكومية خلال 30 يومًا بداية من 12 ديسمبر، أشعل مشاعر السوق للشراء.
كلمتان من باول قلبتا توقعات السوق
كانت كلمتان رئيسيتان من رئيس الفيدرالي باول في المؤتمر الصحفي هما المحفز المباشر لارتفاع السوق بشكل كبير. الكلمة الأولى كانت «رفع الفائدة ليس توقعًا أساسيًا لأي شخص»، مما أزال بشكل كامل مخاوف السوق من أن الفيدرالي قد يعاود التشدد بسبب ارتفاع التضخم. الكلمة الثانية كانت «نحن نتمتع باقتصاد قوي بشكل غير عادي»، مترافقة مع رفع توقعات نمو الناتج المحلي الإجمالي لعام 2026 من 1.8% إلى 2.3%، مما يوفر دعمًا أساسيًا للأصول ذات المخاطر.
أكد باول أن المعدل القياسي حالياً في «نطاق محايد على نطاق واسع»، لا يوقف الاقتصاد بشكل واضح، ولا يعزز الطلب بشكل كبير، مما يضع الفيدرالي «في موقع جيد للانتظار ومراقبة تطور الاقتصاد». أشار إلى أن خفض الفائدة بمقدار 175 نقطة أساس منذ العام الماضي قدم دعمًا كبيرًا للاقتصاد، لذلك فإن المرحلة الحالية أكثر ملاءمة للصبر وانتظار البيانات.
بالنسبة للجدل حول هذا الخفض، اعترف باول بشكل نادر بأنه قرار «قريب جدًا (a close call)». قال: «يمكنني أن أجد أسبابًا قوية لكل من دعم وخفض الفائدة. الوضع الاقتصادي الحالي معقد جدًا، ونتمنى بالطبع أن توفر البيانات توجيهًا أوضح». هذا التصريح الصادق أراح السوق، لأنه يظهر أن الفيدرالي لا يتبع عقيدة صارمة في تنفيذ مساره الافتراضي، بل يتكيف بمرونة وفقًا للبيانات.
وفيما يتعلق بمخاوف التضخم، قال باول إن ارتفاع أسعار السلع مؤخرًا يعكس بشكل رئيسي صدمة مؤقتة ناجمة عن الرسوم الجمركية، ولا يدل على عودة مسار التضخم. أكد ضرورة ضمان أن «ارتفاع الأسعار المؤقت لن يتحول إلى مشكلة تضخم مستدامة». هذا الوضوح حول طبيعة التضخم عزز ثقة السوق في أن الفيدرالي لن يبالغ في رد فعله بسبب تقلبات الأسعار القصيرة المدى.
تأثير التسهيل الكامن من خطة شراء 400 مليار دولار
أعلن الفيدرالي أنه سيبدأ شراء سندات قصيرة الأجل (T-bills) بدءًا من 12 ديسمبر، بمقدار 400 مليار دولار في الشهر الأول. يهدف هذا الإجراء ظاهريًا إلى تخفيف ضغط سوق التمويل الليلي، والحفاظ على معدل الفيدرالي ضمن النطاق المستهدف، لكن السوق يعتبره دعمًا للأصول ذات المخاطر، مع تأثير «تسهيل غير مباشر».
على الرغم من تأكيد المسؤولين أن هذا إجراء تقني وليس كمية التسهيل الكمي (QE)، إلا أن تأثيره مشابه. من خلال شراء السندات، يضخ الفيدرالي السيولة مباشرة في النظام المصرفي، مما يزيد من المعروض من النقود الأساسية. عندما تكون السيولة وفيرة، يبحث المستثمرون عن عوائد أعلى، مما يجعل الأسهم والذهب والعملات المشفرة من الأصول المفضلة. على الرغم من أن حجم 400 مليار دولار أقل بكثير من حجم QE آنذاك، إلا أن إشارة السيولة الواضحة تكفي لإحداث إعادة توزيع في تدفقات رأس المال.
أشار محللون مثل Kobeissi إلى أن هذا يمثل ضخ سيولة مباشر في النظام المالي، قد يؤدي إلى ارتفاع كبير في أصول المخاطر مثل البيتكوين. تشير تجارب سابقة إلى أن توسع ميزانية الفيدرالي يرتبط عادةً بارتفاع أسعار الأصول ذات المخاطر. مثال على ذلك هو ارتفاع البيتكوين من 5000 دولار إلى 60000 دولار خلال جائحة 2020، بعد ضخ كميات هائلة من التسهيل الكمي. وعلى الرغم من أن حجم 400 مليار دولار أصغر بكثير، إلا أن الاتجاه الإشاري يحمل أهمية كبيرة.
ثلاثة أسس تدعم ارتفاع السوق بشكل كبير
استبعاد مخاطر رفع الفائدة تمامًا: باول واضح في إبطال مخاوف التشدد، ويدعم الأصول ذات المخاطر
ضخ السيولة مباشرة: شراء 400 مليار دولار من السندات يوفر دعمًا فوريًا للسيولة
رفع توقعات الاقتصاد: رفع توقعات نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 2.3% يعزز توقعات أرباح الشركات
ردود فعل السوق الفورية تعكس بشكل كامل هذه الأسس الثلاثة. ارتفع مؤشر داو جونز بنسبة 1.2%، بأكثر من 600 نقطة، وصعد مؤشر S&P 500 بنسبة 0.8% ليحقق أعلى مستوى له، وارتفع مؤشر Russell 2000 الصغير بنسبة مماثلة. يعتبر المستثمرون أن تصريحات باول التي تنفي احتمالية رفع الفائدة بمثابة إشارة إلى سياسة معتدلة، مع توقع أن يضطر الفيدرالي في العام القادم إلى خفض الفائدة بشكل أعمق.
الانقسامات الداخلية وإشارات التضارب في جدول النقاط
القرار الأكثر إثارة للدهشة هو الانقسام الداخلي الشديد داخل لجنة السياسة النقدية. الموافقة جاءت بـ 9 مقابل 3، وهو أعلى معارضة منذ 2019. والأكثر إثارة هو أن المعارضين الثلاثة ينتمون إلى طرفي الطيف السياسي: أحدهم هو المحافظ ستيفن ميران الذي اقترح خفضًا مؤقتًا بمقدار 50 نقطة أساس، في حين أن الأعضاء المتشددين مثل رئيس الاحتياطي الفيدرالي في شيكاغو أوستن جولسبي ورئيس الاحتياطي في كانساس سيتي جيفري شديم، يرون ضرورة إبقاء المعدلات دون تغيير.
بالإضافة إلى ذلك، من بين 19 عضوًا، هناك 6 قالوا إنهم لن يدعموا هذا الخفض، وهو نوع من «اعتراض مرن». يظهر هذا انقسامًا غير مسبوق داخل اللجنة حول مسار السياسة. يعود أصل هذا الانقسام إلى إشارات اقتصادية متضاربة: سوق العمل يتباطأ، لكن التضخم المرتفع الناتج عن الرسوم الجمركية يتصاعد. قال باول إن «الكثير من الأعضاء يعتقدون أن مخاطر ارتفاع معدل البطالة تزداد، وأن مخاطر التضخم كذلك، وهو وضع تحدي للغاية».
وأظهرت أحدث خريطة النقاط أن توقعات اللجنة لمسار معدلات الفائدة المستقبلية لم تتغير تقريبًا: فقط خفض واحد متوقع في 2026، ثم خفض آخر في 2027، وأن متوسط معدل الفائدة على المدى الطويل لا يزال حول 3%. ومع ذلك، يشير سوق العقود الآجلة إلى أن المستثمرين يعتقدون أن هناك فرصة بنسبة 38% لخفض الفائدة مرتين في العام القادم، مما يعكس توقعات أن يكون التحرك أسرع من التوقعات الرسمية.
وصفت خبيرة الاقتصاد الأمريكية في Bloomberg Anna Wong أن «السياق العام يميل إلى الاعتدال، لكنه يحمل إشارات حذرة»، وتعتقد أن الفيدرالي قد يخفض المعدلات بمقدار 100 نقطة أساس مجتمعة في العام المقبل، لأن «نمو الأجور يتباطأ بشكل واضح، ولا توجد مؤشرات على أن التضخم سيعاود التسارع في النصف الأول من 2026». هذا الاختلاف بين توقعات السوق وتوقعات الفيدرالي يثير تساؤلات حول مسار السياسة المستقبلية.