في تلك الفترة الخاصة من عام 2008، ألقى شخص غامض يدعي أنه ساتوشي ناكاموتو ورقة بحثية على قائمة البريد الخاصة بمجتمع التشفير — بعنوان «البيتكوين: نظام نقد إلكتروني من نظير إلى نظير». هذا المستند الذي يقل عن 10 صفحات رسم رؤية جريئة: بناء نظام معاملات لا مركزي تمامًا، حيث لا يحتاج طرفا المعاملة إلى الثقة المتبادلة، ولا إلى أي وسيط. في ذلك الوقت، كان هذا يبدو كحلم بعيد المنال.

تحول حقيقي حدث في 3 يناير 2009. بدأ ساتوشي ناكاموتو بتشغيل البرنامج العميل الذي طوره، وأجرى أول عملية "تعدين"، ونجح في استخراج 50 بيتكوين. ومنذ تلك اللحظة، لم يعد البيتكوين مجرد مفهوم نظري، بل أصبح أصلًا رقميًا حيًا وقابلًا للتداول. وُلد النظام المالي للبيتكوين رسميًا.

في الأيام التالية، بدأ هذا النظام يكتسب الاعتراف تدريجيًا. لكن ساتوشي ناكاموتو نفسه بدا حذرًا بشكل خاص. في ديسمبر 2010، حدثت فضيحة تسريب ويكيليكس، وكان هناك من في مجتمع البيتكوين يرغب في أن تتلقى ويكيليكس تبرعات بالبيتكوين لكسر الحصار المالي. عارض ساتوشي ناكاموتو ذلك بشدة، وقال إن البيتكوين لا يزال في مهد طفولته، ولا يمكنه تحمل أي صراع أو جدل. ثبت أن هذا القرار كان رؤية ثاقبة — فالحفاظ على الهدوء كان ضروريًا جدًا لشبكة البيتكوين المبكرة.

وفي 12 ديسمبر بعد أسبوعين، نشر ساتوشي ناكاموتو آخر مشاركة له على المنتدى، حيث ناقش بعض التفاصيل التقنية، ثم اختفى تمامًا. صمتت رسائل البريد الإلكتروني، وتوقف ظهوره العلني بشكل نهائي. في عام 2014، كانت هناك استجابة قصيرة فقط، لتنفي بعض الأخبار التي تتهمه، ثم لم يُسمع عنه شيء بعد ذلك.

وفي يناير 2024، حدث شيء مثير للاهتمام — فجأة، تلقى محفظة باسم ساتوشي ناكاموتو حوالى 120 ألف دولار من البيتكوين. من أرسلها؟ ولماذا أُرسلت؟ لا تزال هذه الألغاز غير محلولة حتى الآن. لكن هذا يعكس بشكل غير مباشر احترام وتقدير مجتمع البيتكوين لمؤسسه وتذكيره.