الذهب ليس مجرد معدن نفيس يُستخدم للزينة، بل هو مال حقيقي يحمل معه التزامات شرعية محددة. عندما تمتلك ذهباً بكمية معينة، قد تصبح ملزماً بإخراج زكاة الذهب - وهي فريضة إسلامية واضحة لا غموض فيها. الزكاة بشكل عام تُعتبر ركناً أساسياً من أركان الإسلام، وقد أكد القرآن على أهميتها بقوله: ﴿أَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾. ولكن كثيراً من المسلمين يتجاهلون زكاة الذهب على وجه التحديد، رغم أهميتها وانتشار امتلاك الذهب كوسيلة للادخار والحماية من التضخم.
فهم أساسيات زكاة الذهب
الزكاة على الذهب تُخرج بنسبة 2.5% من قيمة الذهب الخالص، لكن هذا لا ينطبق على كل من يمتلك ذهباً. هناك شروط محددة يجب أن تتوافر أولاً:
أولاً: يجب أن يصل الذهب إلى النصاب: النصاب الشرعي هو الحد الأدنى الذي يستوجب إخراج الزكاة. قال النبي ﷺ: “لا زكاة عليك في الذهب حتى يكون لك عشرون ديناراً”. وقد قدّر العلماء هذا بما يعادل 85 جراماً من الذهب الخالص عيار 24.
ثانياً: يجب أن يمضي عام هجري كامل: لا تجب الزكاة إلا إذا احتفظت بالذهب لمدة سنة قمرية كاملة دون انقطاع.
ثالثاً: يجب أن تكون مالكاً تاماً: الذهب يجب أن يكون ملكاً خالصاً لك، لا تدين به لأحد.
إذا توافرت هذه الشروط جميعها، فأنت ملزم بإخراج الزكاة.
متى تُخرج زكاة الذهب - حالات مختلفة
الحالة الأولى: ذهب الاستثمار والتجارة
إذا كنت تمتلك ذهباً بنية الاستثمار أو التجارة - سواء كان سبائك أو عملات ذهبية أو حتى صناديق استثمار ذهبية - فإن الزكاة واجبة عليك بلا خلاف بين الفقهاء. الإمام النووي أشار في المجموع إلى أن الحلي غير المستخدم والمقتنى للادخار يستوجب الزكاة. كذلك أسهم شركات التعدين وصناديق المؤشرات المتداولة الذهبية (ETFs) تخضع للزكاة.
الحالة الثانية: الحلي المستخدم للزينة اليومية
هنا الخلاف واضح بين الفقهاء. جمهور العلماء من المالكية والشافعية والحنابلة يرون أن الحلي المستخدم للتزين - كالخواتم والأساور والقلائد - لا زكاة فيه، معاملين إياه كالملابس والأدوات التي لا تدخل في الزكاة.
لكن الحنفية رأوا خلاف ذلك تماماً: يجب إخراج الزكاة على كل ذهب وفضة حتى لو استُخدم للتزين، واستدلوا بحديث في سنن أبي داود عن امرأة لم تُخرج زكاة إسوارتها، فتوعدها النبي ﷺ بالنار. وهناك رأي ثالث عند بعض المالكية بأن زكاة الزينة واجبة مرة واحدة فقط.
الحالة الثالثة: الذهب الذي يملكه الرجل
الإسلام حرّم على الرجال لبس الذهب بقول النبي ﷺ: “إن هذين حرام على ذكور أمتي”، إشارة إلى الذهب والحرير. لكن هذا التحريم على الاستخدام لا يسقط الزكاة عن الذهب الذي يملكه الرجل، سواء كان حلياً أو سبائك.
كيفية حساب زكاة الذهب - بالأرقام
الحساب بسيط جداً. المعادلة الأساسية هي:
زكاة الذهب = 2.5% × القيمة السوقية للذهب الخالص
لكن قبل الحساب، عليك معرفة عيار ذهبك، لأن نسبة النقاء تختلف:
عيار 24: ذهب خالص بنسبة 100%
عيار 21: يحتوي على 87.5% ذهب خالص
عيار 18: يحتوي على 75% ذهب خالص
النصاب يختلف حسب العيار:
عيار 24: 85 جرام
عيار 21: 97 جرام تقريباً
عيار 18: 113 جرام تقريباً
مثال عملي على عيار 24
تمتلك 100 جرام من الذهب عيار 24 قيراط. سعر الجرام من الذهب الخالص في السوق هو 400 ريال سعودي.
الحساب:
الذهب الخالص: 100 × 1 = 100 جرام
القيمة الإجمالية: 100 × 400 = 40,000 ريال
الزكاة المستحقة: 40,000 × 2.5% = 1,000 ريال
مثال عملي على عيار 21
تمتلك 100 جرام من الذهب عيار 21 قيراط. سعر الجرام من الذهب الخالص 400 ريال.
الحساب:
الذهب الخالص: 100 × 0.875 = 87.5 جرام
القيمة الإجمالية: 87.5 × 400 = 35,000 ريال
الزكاة المستحقة: 35,000 × 2.5% = 875 ريال
مثال عملي على عيار 18
تمتلك 100 جرام من الذهب عيار 18 قيراط. سعر الجرام من الذهب الخالص 400 ريال.
الحساب:
الذهب الخالص: 100 × 0.75 = 75 جرام
القيمة الإجمالية: 75 × 400 = 30,000 ريال
الزكاة المستحقة: 30,000 × 2.5% = 750 ريال
لاحظ أن هذا المثال الأخير لم يصل إلى حد النصاب (85 جرام من الذهب الخالص)، لذا لا تجب الزكاة عليه.
عيار الذهب
نسبة الذهب الخالص
الوزن
زكاة الذهب
24K
100%
100g
1,000 ريال سعودي
21K
87.5%
100g
875 ريال سعودي
18K
75%
100g
750 ريال سعودي
من الذي يستحق زكاة الذهب؟
زكاة الذهب لا تُعطى لأي شخص تشاء. القرآن الكريم حدد بدقة من يستحقونها: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ﴾ [التوبة: 60].
هذه ثمانية أصناف فقط:
1- الفقراء: من لا يجدون قوت يومهم ولا ملبس ولا مسكن.
2- المساكين: من يملكون القليل لكن ليس ما يكفيهم تماماً.
3- العاملون عليها: الأشخاص الذين يجمعون الزكاة ويوزعونها (الموظفون والجباة).
4- المؤلفة قلوبهم: يُعطَون لتقوية إيمانهم أو كسب مودتهم للإسلام، سواء كانوا مسلمين جدداً أو ممن يُرجى إسلامهم.
5- في الرقاب: مساعدة من يسعون للتحرر من الرق والعبودية.
6- الغارمون: من تثقلهم الديون ولا يستطيعون سدادها.
7- في سبيل الله: الإنفاق على ما يخدم الإسلام والدين والدفاع عن الأمة.
8- ابن السبيل: المسافر المنقطع عن ماله الذي يحتاج مساعدة للعودة لوطنه.
من لا يستحق زكاة الذهب؟
هناك فئات محددة حرّم الشرع إعطاؤهم الزكاة:
آل البيت النبوي: النبي ﷺ قال: “إِنَّ هَذِهِ الصَّدَقَاتِ إِنَّمَا هِيَ أَوْسَاخُ النَّاسِ”. فإذا احتاجوا أُعطوا من أطيب أموال المسلمين.
الأغنياء: قال النبي ﷺ: “لا تَحِلُّ الصَّدقة لغنيٍّ”. من استغنى بماله أو دخله لا يأخذ الزكاة.
الكفار: جمهور الفقهاء متفقون على عدم إعطاء الكافر من الزكاة، فهي عبادة خاصة بالمجتمع المسلم.
من تلزمك نفقتهم: الوالدان والأولاد والزوجة والأخت التي لا عائل لها - هؤلاء تنفق عليهم من مالك الخاص.
المتكاسلون القادرون على العمل: من يملك القدرة على الكسب ويتركها تكاسلاً.
الضوابط الشرعية لإخراج زكاة الذهب
لكي تكون زكاتك صحيحة وموافقة للشرع، هناك 12 ضابطاً يجب الالتزام بها:
1- الإخراج في الوقت: وجب إخراجها فوراً عند تمام الحول دون تأخير.
2- عدم التأخير: التأخير بلا عذر شرعي إثم.
3- عدم احتسابها من ديون قديمة: لا تُسقط الديون القديمة بنية الزكاة.
4- الإخراج من مال طيب: لا تقبل الزكاة من مال فيه شبهة أو حرام مثل المختلط بالربا.
5- عدم الرياء: الزكاة لله وحده، لا للسمعة.
6- الالتزام بالمصارف الشرعية: الأصناف الثمانية فقط.
7- عدم تحويلها لصدقة تطوع: الزكاة عبادة مستقلة لها نية خاصة.
8- الإخراج كاملاً: لا يجزئ إخراج أقل من الواجب.
9- عدم الإخراج عن غيرك بدون توكيل: الزكاة عبادة شخصية.
10- عدم تفضيل غير المستحقين: لا تُعطى للأقرباء مجاملة إن لم يكونوا من أهلها.
11- عدم الربط بمصالح شخصية: لا يجوز أن تكون مقابلاً لخدمة أو منفعة دنيوية.
12- عدم التحايل: التقليل المتعمد للوزن أو السعر للهروب من الزكاة محرّم.
أهمية إخراج زكاة الذهب
إخراج زكاة الذهب ليس مجرد التزام مالي بسيط. هناك فوائد روحية واجتماعية عميقة:
تطهير المال: تُنظّف الزكاة المال من الشبهات وتزيد البركة فيه.
تنمية الكرم: تُعوّد النفس على العطاء والسخاء والمشاركة.
تحقيق العدالة: تُعيد توزيع الثروة من الأغنياء للفقراء، مما يقلل الفوارق الاجتماعية.
الأجر العظيم: قال النبي ﷺ عن مانع الزكاة: “ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي حقها إلا صفحت له يوم القيامة صفائح من نار فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره كلما بردت أعيدت له في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار” [رواه مسلم].
زكاة الذهب غير المادي
لا تقتصر الزكاة على الذهب المادي (الحلي والسبائك). الذهب الرقمي والاستثمارات الذهبية تستوجب الزكاة أيضاً:
صناديق المؤشرات المتداولة (ETFs) الذهبية
إذا كنت تملك صناديق ذهبية مدعومة بذهب حقيقي، تُعامل كأنك تملك الذهب نفسه. الزكاة تُخرج بنسبة 2.5% من القيمة السوقية عند مرور الحول.
أسهم شركات التعدين وشركات الذهب
حساب الزكاة يختلف هنا حسب نيتك:
إذا كانت للمضاربة: تُزكّى على القيمة السوقية بنسبة 2.5%
إذا كانت للاستثمار الطويل: تُزكّى الأرباح النقدية فقط
حساب الأرباح
في الذهب الفعلي أو الصناديق المدعومة: تُقيّم قيمة الذهب بالكامل بسعر السوق عند تمام الحول، تُضاف إليها الأرباح، ثم تُخرج الزكاة من الإجمالي بنسبة 2.5% إذا بلغ النصاب.
في أدوات غير مدعومة مباشرة بالذهب: تُزكّى الأرباح النقدية المحققة فقط بنسبة 2.5%.
الأسئلة الشائعة عن زكاة الذهب
س: إذا اشتريت ذهباً جديداً، متى تبدأ الزكاة؟
إذا لم يمر عام هجري كامل على شرائك للذهب، لا تجب الزكاة عليه بعد. الزكاة تستحق بعد مرور سنة قمرية كاملة من تاريخ امتلاكك له.
س: هل يمكنني إخراج الزكاة نقداً بدلاً من الذهب نفسه؟
نعم، يجوز إخراج قيمة الزكاة نقداً بما يعادل قيمة الذهب بسعر السوق في يوم إخراج الزكاة.
س: ماذا لو امتلكت ذهباً من عيارات مختلفة؟
تُجمّع كل الأعيار معاً بعد تحويلها إلى ذهب خالص (عيار 24)، ثم تحسب الزكاة على الإجمالي.
س: هل الذهب المرهون يخضع للزكاة؟
إذا كنت مالكاً حقيقياً للذهب المرهون، فنعم يخضع للزكاة.
س: ماذا عن الذهب المهدى أو الموروث؟
يبدأ الحول من تاريخ ملكك الفعلي له، سواء كان هدية أو إرثاً.
س: هل يمكن جمع ذهبي مع ذهب والدتي لحساب النصاب معاً؟
لا، كل شخص يحسب نصابه بمفرده. لا يُجمّع الذهب إلا إذا كان ملكاً مشاعاً حقيقياً.
الخلاصة
زكاة الذهب فريضة شرعية واضحة، تجب على كل مسلم يملك ذهباً بكمية تبلغ 85 جراماً من الذهب الخالص أو ما يعادله من أعيار مختلفة، بعد مرور عام هجري كامل على امتلاكه. الزكاة تُحسب بنسبة 2.5% من القيمة السوقية.
الشروط واضحة والحساب بسيط، لكن الالتزام بالضوابط الشرعية ضروري. سواء كان ذهبك مادياً أو استثماراً أو في محفظة رقمية، فالحكم واحد. والمهم أن تفهم أن الزكاة ليست عبء مالي فقط، بل عبادة تطهّر النفس وتحقق العدالة الاجتماعية وترضي الله تعالى.
قد تحتوي هذه الصفحة على محتوى من جهات خارجية، يتم تقديمه لأغراض إعلامية فقط (وليس كإقرارات/ضمانات)، ولا ينبغي اعتباره موافقة على آرائه من قبل Gate، ولا بمثابة نصيحة مالية أو مهنية. انظر إلى إخلاء المسؤولية للحصول على التفاصيل.
زكاة الذهب: كيف تحسب التزامك الشرعي والمالي؟
الذهب ليس مجرد معدن نفيس يُستخدم للزينة، بل هو مال حقيقي يحمل معه التزامات شرعية محددة. عندما تمتلك ذهباً بكمية معينة، قد تصبح ملزماً بإخراج زكاة الذهب - وهي فريضة إسلامية واضحة لا غموض فيها. الزكاة بشكل عام تُعتبر ركناً أساسياً من أركان الإسلام، وقد أكد القرآن على أهميتها بقوله: ﴿أَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾. ولكن كثيراً من المسلمين يتجاهلون زكاة الذهب على وجه التحديد، رغم أهميتها وانتشار امتلاك الذهب كوسيلة للادخار والحماية من التضخم.
فهم أساسيات زكاة الذهب
الزكاة على الذهب تُخرج بنسبة 2.5% من قيمة الذهب الخالص، لكن هذا لا ينطبق على كل من يمتلك ذهباً. هناك شروط محددة يجب أن تتوافر أولاً:
أولاً: يجب أن يصل الذهب إلى النصاب: النصاب الشرعي هو الحد الأدنى الذي يستوجب إخراج الزكاة. قال النبي ﷺ: “لا زكاة عليك في الذهب حتى يكون لك عشرون ديناراً”. وقد قدّر العلماء هذا بما يعادل 85 جراماً من الذهب الخالص عيار 24.
ثانياً: يجب أن يمضي عام هجري كامل: لا تجب الزكاة إلا إذا احتفظت بالذهب لمدة سنة قمرية كاملة دون انقطاع.
ثالثاً: يجب أن تكون مالكاً تاماً: الذهب يجب أن يكون ملكاً خالصاً لك، لا تدين به لأحد.
إذا توافرت هذه الشروط جميعها، فأنت ملزم بإخراج الزكاة.
متى تُخرج زكاة الذهب - حالات مختلفة
الحالة الأولى: ذهب الاستثمار والتجارة
إذا كنت تمتلك ذهباً بنية الاستثمار أو التجارة - سواء كان سبائك أو عملات ذهبية أو حتى صناديق استثمار ذهبية - فإن الزكاة واجبة عليك بلا خلاف بين الفقهاء. الإمام النووي أشار في المجموع إلى أن الحلي غير المستخدم والمقتنى للادخار يستوجب الزكاة. كذلك أسهم شركات التعدين وصناديق المؤشرات المتداولة الذهبية (ETFs) تخضع للزكاة.
الحالة الثانية: الحلي المستخدم للزينة اليومية
هنا الخلاف واضح بين الفقهاء. جمهور العلماء من المالكية والشافعية والحنابلة يرون أن الحلي المستخدم للتزين - كالخواتم والأساور والقلائد - لا زكاة فيه، معاملين إياه كالملابس والأدوات التي لا تدخل في الزكاة.
لكن الحنفية رأوا خلاف ذلك تماماً: يجب إخراج الزكاة على كل ذهب وفضة حتى لو استُخدم للتزين، واستدلوا بحديث في سنن أبي داود عن امرأة لم تُخرج زكاة إسوارتها، فتوعدها النبي ﷺ بالنار. وهناك رأي ثالث عند بعض المالكية بأن زكاة الزينة واجبة مرة واحدة فقط.
الحالة الثالثة: الذهب الذي يملكه الرجل
الإسلام حرّم على الرجال لبس الذهب بقول النبي ﷺ: “إن هذين حرام على ذكور أمتي”، إشارة إلى الذهب والحرير. لكن هذا التحريم على الاستخدام لا يسقط الزكاة عن الذهب الذي يملكه الرجل، سواء كان حلياً أو سبائك.
كيفية حساب زكاة الذهب - بالأرقام
الحساب بسيط جداً. المعادلة الأساسية هي:
زكاة الذهب = 2.5% × القيمة السوقية للذهب الخالص
لكن قبل الحساب، عليك معرفة عيار ذهبك، لأن نسبة النقاء تختلف:
النصاب يختلف حسب العيار:
مثال عملي على عيار 24
تمتلك 100 جرام من الذهب عيار 24 قيراط. سعر الجرام من الذهب الخالص في السوق هو 400 ريال سعودي.
الحساب:
مثال عملي على عيار 21
تمتلك 100 جرام من الذهب عيار 21 قيراط. سعر الجرام من الذهب الخالص 400 ريال.
الحساب:
مثال عملي على عيار 18
تمتلك 100 جرام من الذهب عيار 18 قيراط. سعر الجرام من الذهب الخالص 400 ريال.
الحساب:
لاحظ أن هذا المثال الأخير لم يصل إلى حد النصاب (85 جرام من الذهب الخالص)، لذا لا تجب الزكاة عليه.
من الذي يستحق زكاة الذهب؟
زكاة الذهب لا تُعطى لأي شخص تشاء. القرآن الكريم حدد بدقة من يستحقونها: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ﴾ [التوبة: 60].
هذه ثمانية أصناف فقط:
1- الفقراء: من لا يجدون قوت يومهم ولا ملبس ولا مسكن.
2- المساكين: من يملكون القليل لكن ليس ما يكفيهم تماماً.
3- العاملون عليها: الأشخاص الذين يجمعون الزكاة ويوزعونها (الموظفون والجباة).
4- المؤلفة قلوبهم: يُعطَون لتقوية إيمانهم أو كسب مودتهم للإسلام، سواء كانوا مسلمين جدداً أو ممن يُرجى إسلامهم.
5- في الرقاب: مساعدة من يسعون للتحرر من الرق والعبودية.
6- الغارمون: من تثقلهم الديون ولا يستطيعون سدادها.
7- في سبيل الله: الإنفاق على ما يخدم الإسلام والدين والدفاع عن الأمة.
8- ابن السبيل: المسافر المنقطع عن ماله الذي يحتاج مساعدة للعودة لوطنه.
من لا يستحق زكاة الذهب؟
هناك فئات محددة حرّم الشرع إعطاؤهم الزكاة:
آل البيت النبوي: النبي ﷺ قال: “إِنَّ هَذِهِ الصَّدَقَاتِ إِنَّمَا هِيَ أَوْسَاخُ النَّاسِ”. فإذا احتاجوا أُعطوا من أطيب أموال المسلمين.
الأغنياء: قال النبي ﷺ: “لا تَحِلُّ الصَّدقة لغنيٍّ”. من استغنى بماله أو دخله لا يأخذ الزكاة.
الكفار: جمهور الفقهاء متفقون على عدم إعطاء الكافر من الزكاة، فهي عبادة خاصة بالمجتمع المسلم.
من تلزمك نفقتهم: الوالدان والأولاد والزوجة والأخت التي لا عائل لها - هؤلاء تنفق عليهم من مالك الخاص.
المتكاسلون القادرون على العمل: من يملك القدرة على الكسب ويتركها تكاسلاً.
الضوابط الشرعية لإخراج زكاة الذهب
لكي تكون زكاتك صحيحة وموافقة للشرع، هناك 12 ضابطاً يجب الالتزام بها:
1- الإخراج في الوقت: وجب إخراجها فوراً عند تمام الحول دون تأخير.
2- عدم التأخير: التأخير بلا عذر شرعي إثم.
3- عدم احتسابها من ديون قديمة: لا تُسقط الديون القديمة بنية الزكاة.
4- الإخراج من مال طيب: لا تقبل الزكاة من مال فيه شبهة أو حرام مثل المختلط بالربا.
5- عدم الرياء: الزكاة لله وحده، لا للسمعة.
6- الالتزام بالمصارف الشرعية: الأصناف الثمانية فقط.
7- عدم تحويلها لصدقة تطوع: الزكاة عبادة مستقلة لها نية خاصة.
8- الإخراج كاملاً: لا يجزئ إخراج أقل من الواجب.
9- عدم الإخراج عن غيرك بدون توكيل: الزكاة عبادة شخصية.
10- عدم تفضيل غير المستحقين: لا تُعطى للأقرباء مجاملة إن لم يكونوا من أهلها.
11- عدم الربط بمصالح شخصية: لا يجوز أن تكون مقابلاً لخدمة أو منفعة دنيوية.
12- عدم التحايل: التقليل المتعمد للوزن أو السعر للهروب من الزكاة محرّم.
أهمية إخراج زكاة الذهب
إخراج زكاة الذهب ليس مجرد التزام مالي بسيط. هناك فوائد روحية واجتماعية عميقة:
تطهير المال: تُنظّف الزكاة المال من الشبهات وتزيد البركة فيه.
تنمية الكرم: تُعوّد النفس على العطاء والسخاء والمشاركة.
تحقيق العدالة: تُعيد توزيع الثروة من الأغنياء للفقراء، مما يقلل الفوارق الاجتماعية.
الأجر العظيم: قال النبي ﷺ عن مانع الزكاة: “ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي حقها إلا صفحت له يوم القيامة صفائح من نار فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره كلما بردت أعيدت له في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار” [رواه مسلم].
زكاة الذهب غير المادي
لا تقتصر الزكاة على الذهب المادي (الحلي والسبائك). الذهب الرقمي والاستثمارات الذهبية تستوجب الزكاة أيضاً:
صناديق المؤشرات المتداولة (ETFs) الذهبية
إذا كنت تملك صناديق ذهبية مدعومة بذهب حقيقي، تُعامل كأنك تملك الذهب نفسه. الزكاة تُخرج بنسبة 2.5% من القيمة السوقية عند مرور الحول.
أسهم شركات التعدين وشركات الذهب
حساب الزكاة يختلف هنا حسب نيتك:
حساب الأرباح
في الذهب الفعلي أو الصناديق المدعومة: تُقيّم قيمة الذهب بالكامل بسعر السوق عند تمام الحول، تُضاف إليها الأرباح، ثم تُخرج الزكاة من الإجمالي بنسبة 2.5% إذا بلغ النصاب.
في أدوات غير مدعومة مباشرة بالذهب: تُزكّى الأرباح النقدية المحققة فقط بنسبة 2.5%.
الأسئلة الشائعة عن زكاة الذهب
س: إذا اشتريت ذهباً جديداً، متى تبدأ الزكاة؟ إذا لم يمر عام هجري كامل على شرائك للذهب، لا تجب الزكاة عليه بعد. الزكاة تستحق بعد مرور سنة قمرية كاملة من تاريخ امتلاكك له.
س: هل يمكنني إخراج الزكاة نقداً بدلاً من الذهب نفسه؟ نعم، يجوز إخراج قيمة الزكاة نقداً بما يعادل قيمة الذهب بسعر السوق في يوم إخراج الزكاة.
س: ماذا لو امتلكت ذهباً من عيارات مختلفة؟ تُجمّع كل الأعيار معاً بعد تحويلها إلى ذهب خالص (عيار 24)، ثم تحسب الزكاة على الإجمالي.
س: هل الذهب المرهون يخضع للزكاة؟ إذا كنت مالكاً حقيقياً للذهب المرهون، فنعم يخضع للزكاة.
س: ماذا عن الذهب المهدى أو الموروث؟ يبدأ الحول من تاريخ ملكك الفعلي له، سواء كان هدية أو إرثاً.
س: هل يمكن جمع ذهبي مع ذهب والدتي لحساب النصاب معاً؟ لا، كل شخص يحسب نصابه بمفرده. لا يُجمّع الذهب إلا إذا كان ملكاً مشاعاً حقيقياً.
الخلاصة
زكاة الذهب فريضة شرعية واضحة، تجب على كل مسلم يملك ذهباً بكمية تبلغ 85 جراماً من الذهب الخالص أو ما يعادله من أعيار مختلفة، بعد مرور عام هجري كامل على امتلاكه. الزكاة تُحسب بنسبة 2.5% من القيمة السوقية.
الشروط واضحة والحساب بسيط، لكن الالتزام بالضوابط الشرعية ضروري. سواء كان ذهبك مادياً أو استثماراً أو في محفظة رقمية، فالحكم واحد. والمهم أن تفهم أن الزكاة ليست عبء مالي فقط، بل عبادة تطهّر النفس وتحقق العدالة الاجتماعية وترضي الله تعالى.