يا أهل البيت، من يفهم؟ عندما صادفت خبر «اعتقال دو كوون وداخل المستقيم مخبأ محفظة تريزور الصلبة، تحتوي على 10,000 بيتكوين» كادت قهوتي أن تنسكب على لوحة المفاتيح. هل حقًا يعتبرون عالم التشفير رواية أدب إلكتروني؟ لقد عشت في هذا المجال لمدة ثماني سنوات، ورأيت العديد من الشائعات الغريبة، لكن لم أرَ شيئًا بهذا الغرابة — يتنافى مع الفطرة السليمة، والمنطق مليء بالثغرات. اليوم سأفصل لكم قصة هذا الشائعة، وأتحدث معكم عن الطرق الشائعة لصناعة الشائعات في عالم التشفير، لئلا يُضلّكم أحد ويجعلكم تدفعون ضرائب الذكاء.

الخط الزمني يعود إلى مارس 2023. شخصية انهيار Terra/Luna، دو كوون، تم القبض عليه في مونتينيغرو، وفور انتشار الخبر، انفجر عالم التشفير. فبعد أن كان يصرّ على «لن أهرب أبدًا»، فجأة ظهر وهو يحمل جواز سفر مزور ويحاول الهروب، وكان التناقض كبيرًا لدرجة أنه وفر بيئة خصبة لنمو الشائعة. لم يمض وقت طويل حتى بدأ الحديث عن «محفظة مخبأة في المستقيم» يتداول في جميع المجتمعات والمنتديات. بعضهم روى التفاصيل بشكل حي، مثل «تم اكتشاف شيء غير طبيعي أثناء تفتيش الجمارك»، و«نوع المحفظة هو Trezor Model T»، وبدت التفاصيل واقعية لدرجة أن البعض كاد يصدقها.

لكن، فقط لو فكرنا قليلاً، سنجد أن الأمر من أساسه غير منطقي.

نبدأ من الناحية الفسيولوجية. محفظة تريزور الصلبة صغيرة جدًا، حجمها يعادل إبهام شخص بالغ، وموادها صلبة. هل يمكن إدخالها في المستقيم؟ لن نتحدث عن إمكانية الإدخال، بل عن الألم الناتج عند تحركها داخل الجسم، وهو ألم لا يتحمله إلا القليلون. هل كان دو كوون يحاول الهرب أم يعذب نفسه؟

أما بالنسبة للأرقام. 10,000 بيتكوين، في مارس 2023، كانت تساوي عشرات المليارات من الدولارات. هل من المعقول أن يخزن شخص هذا المبلغ في محفظة صلبة بحجم ظفر إصبع؟ الجميع يعلم أن هذا غير منطقي على الإطلاق. والأهم من ذلك، إذا كانت هذه الأموال قد تم القبض عليها بالفعل، لكانت وسائل الإعلام قد أذاعت الخبر على نطاق واسع، وليس مجرد تداول سري في المجتمعات.