وزيرة الخزانة الأمريكية بينسنت تقول: "احتضن الاحتياطي الفيدرالي عدة آلاف من دكاترة الاقتصاد، ومنحهم رواتب عالية ووظائف مدى الحياة، لا أدري ماذا يفعلون جميعًا، ويبدو أنهم لم يتوقعوا أبدًا بشكل صحيح، وإذا كان مراقبو الحركة الجوية على هذا الحال، فلن يجرؤ أحد على ركوب الطائرات."

الغضب الذي أظهره الوزير هذه المرة، هو على الأرجح أنه كشف الستار عن غموض وعمق الغموض الذي يكتنف وول ستريت. تربية الآلاف من حاملي شهادات الدكتوراه في الاقتصاد، تبدو وكأنها رعاية لمعبد يستطيع التنبؤ بالمستقبل، لكن النتيجة؟ تنبؤات المعبد دائمًا ما تتكسر أمام صفعة السوق. هذا المجاز قاسٍ بما يكفي، وملموس أيضًا.
لكن لا يمكن تحميل كامل المسؤولية للاقتصاديين فقط. التنبؤ الاقتصادي، هو علم يرسم الخرائط وسط الضباب. التجارة العالمية، الصراعات الجيوسياسية، الانفجارات التكنولوجية، مشاعر الناخبين، العديد من المتغيرات تتراقص كالمجانين. الاعتماد على دقة التنبؤات، هو كما لو طلبت أن يكون التوقعات الجوية دقيقة لعدد قطرات المطر على كل غيمة، وهذا أمر سخيف.
الاحراج الحقيقي للاحتياطي الفيدرالي يكمن في أن أدوات سياسته أصبحت تعاني من ضعف. في مواجهة ظاهرة "ثبات التضخم" و"ضعف النمو" الموجودة الآن، رفع الفائدة قد يقتل الاقتصاد، وخفضها قد يعيد التضخم. النماذج التي تعتمد على فرضية السوق المثالية، تظهر عاجزة أمام الدورات السياسية والجماهيرية الحالية.
الغضب من بينسنت ربما يكون سببه الأعمق هو الصراع على السلطة بين وزارة الخزانة والاحتياطي الفيدرالي. وزارة الخزانة مسؤولة عن الإنفاق، بينما يختص الاحتياطي بالتسييل ورفع الفوائد. عندما يواجه الاقتصاد مشكلة، من الطبيعي أن يلقي الطرفان اللوم على الآخر. اتهام الآخر بـ"عدم التوقع بشكل صحيح" و"عجز الأدوات"، هو بمثابة تلميح ضمني بأنه "هذه الفوضى ليست من مسؤوليتي."
الأمر الأكثر إثارة هو أن هذا الهجوم حدث في وقت كانت فيه المناقشات جارية في الكونجرس حول أمريكا